وكأن القدر كان بالمرصاد للرئيس الأمريكي جو بايدن، فلم يهنأ الرجل بنتائج الازمة التي طالت غريمه الجمهوري دونالد ترمب قبل اشهر قليلة، بسبب العثور علي وثائق سرية في منزل الأخير، ليتجرع هو الاخر من نفس الكأس بعد العثور علي وثائق سرية للغاية في احد المكاتب التي كان يستخدمها الرئيس الحالي اثناء توليه منصب نائب الرئيس باراك أوباما، لدرجة أصبحت تعيش معها الساحة السياسية الأميركية أجواء هستيرية من المقارنات بين وثائق هذا وذاك، وكيف تعامل كل منهما مع تلك الفضيحة.
حتي الان لم يتم الكشف بصورة كاملة عن حجم ومحتوي تلك الوثائق، لكن الامر المؤكد ان سيد البيت الأبيض بات يعاني من احراج عميق للغاية بعد العثور على حزمة ثانية في منزله في ديلاوير. ويمكن أن يؤدي هذا الي تعرض بايدن لخطر قانوني، على الرغم من قلة المعلومات المعروفة عن الوثائق والسبب في عدم تخزينها بشكل آمن في الأرشيف الوطني الأمريكي، كما يقتضي القانون.
وبحسب محللين، فالوضع لكلا الرجلين ترامب وبايدن ، خطير للغاية، حيث يمكن أن يكون كل منهما قد ارتكب جرائم بموجب قانون السجلات الرئاسية وقانون التجسس إذا كانا قد تصرفا "بإهمال جسيم".
وبينما تم العثور على مئات الوثائق السرية بحوزة ترامب، عثر حتى الآن على نحو عُشر هذه الكمية لدى بايدن. ومع ذلك، احتفظ ترامب بالوثائق في غرفة تخزين وفي مكتبه في منتجعه الخاص - مار إيه لاغو - بولاية فلوريدا حيث استمر في العيش والعمل بعد مغادرة البيت الأبيض.
في حالة بايدن، تم العثور على الدفعة الأولى من المواد السرية في خزانة مقفلة في مركز أبحاث بواشنطن، حيث كان يحتفظ بمكتب خاص.وتوقف بايدن عن استخدام هذا المكتب عندما أطلق حملته الرئاسية في أبريل من عام 2019. ومع ذلك، كانت الوثائق لا تزال موجودة بعد أكثر من ثلاث سنوات، وتم العثور عليها في الثاني من نوفمر ٢٠٢٢. وترك ذلك الباب مفتوحًا أمام السؤال، حول من كان بإمكانه الوصول إلى تلك الوثائق خلال تلك السنوات الثلاث.
ومع العثور على المزيد من الوثائق في مرآب السيارات بمنزل بايدن في ولاية ديلاوير، فلا بد أن ذلك سبب سعادة لترامب، وبالإضافة إلى كونها ضربة مدمرة لبايدن، فهي دفعة كبيرة لترامب قبل مواجهة محتملة بين الرجلين في انتخابات الرئاسة لعام 2024. وهذه القضية تدمر احد اهم النقاط التي كان يعتمد عليها في بايدن في اقناع الناخبين ان ترامب وبسبب ازمة الوثائق لا يمكن ان يمنحوه الثقة لتولي فترة رئاسة ثانية لانه لا يعرف كيف يصون اسرار الامة الامريكية. وبالتالي فان بايدن اصبح هو الاخر مصاب بنفس الداء الذي سبقه سلفه.
قد يؤدي الكشف عن وثائق بايدن إلى زيادة الشكوك بين الجمهوريين وغيرهم ممن يزعمون بالفعل أن السياسة هي أساس التحقيقات مع ترامب. وهناك أيضا تداعيات محتملة في الكونجرس الجديد الذي يسيطر عليه الحزب الجمهوري، حيث يعد الجمهوريون ببدء تحقيقات واسعة النطاق في إدارة بايدن.
وتمنح ازمة وثائق بايدن فرصة ذهبية لترمب والجمهوريين الآخرين، فالحزب الجمهوري الذي تعاني صورته السياسية من آثار نتائجه المتواضعة في الانتخابات النصفية، في نوفمبر الماضي، وفشل نوابه في اختيار رئيس مجلس النواب على مدار 14 جولة اقتراع في 4 أيام، لم يتأخر في الدخول على خط الأزمة.
فور الإعلان عن الوثائق السرية، قال ترمب عبر منصته "تروث سوشيال": "متى سيقوم مكتب التحقيقات الفيدرالي بمداهمة العديد من منازل جو بايدن، وربما حتى البيت الأبيض؟، بالتأكيد لم يتم رفع السرية عن هذه الوثائق".
في حين سارع رئيس مجلس النواب الأميركي كيفين مكارثي بالقول "أعتقد أنه على الكونجرس التحقيق في هذا الأمر. هذا هو الشخص الذي جلس في برنامج 60 دقيقة وكان قلقاً للغاية بشأن وثائق الرئيس ترمب، والآن نجد أن هذا الذي كان نائب الرئيس يحتفظ بها في العراء لسنوات في أماكن مختلفة".
ورغم كل ما حدث، فمازالت التوقعات والطموحات محدودة في ان يؤثر هذا علي مستقبل كلا الرجلين، وطبقا لما هو متبع سنكون امام مسارين للأزمة الأول "استدعاء هيئة محلفين كبرى للتحقيق، وإذا اعتُبر الإجراء متعمداً وكان هناك عائق لمصلحة الأرشيف الوطني في استرداد المستندات قد يتم توجيه تهم أكثر خطورة"، لكن من غير المرجح أن يتم توجيه تهم مباشرة للرجلين، بل سيتم توجيه الاتهام لمعاونيهم في تلك الفترة على الأرجح".
والمسار الثاني، في حالة "اعتبار نقل المستندات عرضيًا أو عن طريق الخطأ، يتوقف الأمر عند توجيه توبيخ أو تحذير إداري، فقط. وفي تلك الحالة، توضع ملاحظة بالإهمال في ملف عمل الشخص المسؤول".. ،نبقي في انتظار النتائج.