خلال السنوات القليلة الماضية نجحت مصر في تحقيق طفرة غير مسبوقة في قطاع انتاج الغاز، بل انها هي اول من قادت التوجه الي الاستفادة بثروات الغاز في شرق المتوسط.. وعزز هذا التوجه ما آلت اليه الامور في دول الاتحاد الاوروبي بعد حرب في اوكرانيا..
من المتوقع استقرار إنتاج مصر من الغاز الطبيعي المسال عند نحو 7.5 مليون طن خلال العام الحالي، وهو ما يقترب من مستويات عام 2022، حينما جرى تخصيص 80 في المئة من الإنتاج إلى أوروبا، في الوقت نفسه، كشف رؤساء تنفيذيون لشركات عالمية عاملة في صناعة الطاقة، أن مصر أصبحت وجهة مثالية للاستثمار، خصوصاً في مجال الطاقة، بفضل توجه الحكومة المساند للاستثمار، وشددوا على أن الآن هو الوقت الأمثل للاستثمار في قطاع الطاقة المصرى.
مصرتتمتع بكل المؤهلات لتصبح أحد اهم اللاعبين الأساسيين على خريطة الطاقة العالمية، خصوصاً بعد تحولها من مستورد للغاز إلى مصدر، والعالم الان يحتاج لكافة أشكال الطاقة، والهدف الأساسي هو خفض الانبعاثات الكربونية، لذا اصبحت هناك حاجة لاستخدام التكنولوجيا بشكل أسرع وتعزيز التعاون الاقليمي.
فضلا عن ان الاستثمار في مصر في هذا القطاع تحديدا بات يوصف بالجيد جداً، والحكومة لديها خطة واضحة، كما أن المناخ مناسب تماماً للاستثمار فيه مدعوما بالبنية التحتية التي تتمتع بها مصر، بالاضافة الي تنوع مصادر الطاقة المتجددة التي تمكن الشركات من إنتاج وتصدير الغاز.
فرص مصر واعدة للغاية في قطاع تصدير الغاز ، ويتوقع المتعاملون في سوق الغاز الطبيعي ومعظم المحللين أن نتائج "حرب الغاز" بين روسيا وأوروبا التي احتدمت العام الماضي 2022 مع الحرب في أوكرانيا، ستظهر بوضوح هذا العام 2023. ونشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تحليلاً لها مطلع هذا الأسبوع يشير إلى احتمال أن يكون للأزمة رد فعل عكسي على روسيا أكثر من الإضرار بأوروبا. من الصعب طبعاً التكهن بمسار أسعار الغاز الطبيعي لهذا العام وإن كانت توقعات الركود الاقتصادي العالمي تزيد من احتمالات تراجع الطلب العالمي على الطاقة، بالتالي انخفاض أسعار الغاز. ويفترض ذلك طبعاً استمرار حجم العرض من دون تغيير وكذلك إنتاج الغاز الطبيعي المسال واستبعاد أي أزمات أو اختناقات في سلاسل الإمداد.
وفي الحقيقة فان أزمة الغاز الطبيعي في أوروبا بدات عام 2021 قبل حرب أوكرانيا بأشهر بسبب خلافات مع روسيا، لكنها تفاقمت أكثر مع تحول إمدادات الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا إلى سلاح بعد بدء الحرب في نهاية فبراير العام الماضي. ومع سلسلة من حزم العقوبات الأوروبية على موسكو توقفت أوروبا عن استيراد القدر الأكبر من حاجاتها من الغاز الطبيعي الروسي.
قبل الحرب في أوكرانيا كانت أوروبا تعتمد على روسيا في توفير نسبة 40 في المئة من حاجاتها من الغاز الطبيعي، ومع بداية الحرب وفرض أوروبا ودول الغرب عقوبات على موسكو برز جدل حول العملات التي سيدفع بواسطتها ثمن الغاز. واشترطت موسكو أن يتم الدفع بالروبل الروسي، مما جعل كثيراً من المشترين الأوروبيين يتوقفون عن شراء الغاز الروسي حتى قبل الحظر الأوروبي الكامل على استيراد الطاقة من روسيا.
مع بداية العام الحالي 2023 كانت المخزونات الأوروبية من الغاز عند نسبة 85 في المئة، وهي نسبة عالية مقارنة بمتوسط امتلائها في هذا الوقت من العام على مدى السنوات الخمس الماضية عند نسبة 70 في المئة.وانخفضت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا في الأسبوع الأول من هذا الشهر بأكثر من 75 في المئة عن أعلى معدل وصلت إليه العام الماضي. ومع أنها تظل أعلى بثلاثة أضعاف من أسعار الغاز العادية في أوروبا ومن سعر الغاز الحالي في الولايات المتحدة، إلا أنها أصبحت عند مستويات يمكن للأوروبيين تحملها.
لكن الخطر لم ينته تماماً، كما يقول تقرير "فايننشال تايمز"، فما زال المحللون يتوقعون ارتفاع الطلب الصيني على الغاز الطبيعي المسال مع انتعاش الاقتصاد. ويحذر مدير وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول من أن "كثيراً من العوامل التي ساعدت دول الاتحاد الأوروبي على إعادة ملء مخزوناتها من الغاز الطبيعي قبل فصل الشتاء الحالي قد لا تتكرر هذا العام 2023". بالتالي تظل احتمالات تذبذب أسعار الغاز الطبيعي في السوق العالمية، بالتالي ارتفاعها في أوروبا، قائمة. وهنا تأتي الفرصة المصرية في التواجد والبحث ان زيادة حصتها التصديرية في الغاز المتجه الي اوروبا.